حوار مع دانييل دولوفه (دكتورة متخصصة في الطب النفسي الاكلينيكي)

ترجمة: ادريسية بلفقيه 

عنف الأطفال

  • هل الأطفال أكثر عنفا اليوم؟ 

   بالطبع، هناك أطفال لديهم سلوك أكثر عنفا، الذي يتعلق بمعاناة نفسية خطيرة، لكن هذه الفئة لا تشكل الأغلبية ! لا، الأطفال ليسوا أكثر عنفا اليوم. بالمقابل، هناك في الواقع المزيد من الأطفال “الإندفاعيين” (pulsionnels)، المضطربين. سابقا، كان الأطفال مجبرين أكثر على احترام التعليمات الآمرة، و إن لم يمنع هذا من حدوث بعض التجاوزات. اليوم هناك حرية أكبر للعمل و التعبير. هو ما يمكن أن يعطي انطباعا…و تمثيلا.. لعنف أكبر عند الأطفال. 

  • من أين هذا التمثيل؟ 

ينقل هذا التمثيل (représentation) من قبل وسائل الإعلام، من خلال نشر إحصاءات “مثيرة للقلق” بشأن تصاعد العنف ( عن طريق وضع في نفس المستوى لــ ” قلة أدب” بسيطة و اعتداءات خطيرة). هذا التمثيل هو في وقت واحد ظاهرة جديدة و قديمة، دراسة في القانون الجنائي{ الفرنسي} لــ1922 تشير بالفعل إلى ارتفاع في الجريمة و انخفاض في عمرالجانحين! و يقوم على الافتراض الضمني لخطأ العائلات التي تقوم بتربية أطفالها بشكل غير صحيح، دون أخذ بما فيه الكفاية لآثار البيئة الاقتصادية السوسيولوجية الثقافية. هذه المعادلات الموسومة (بالعار): ” طفل عدواني=طفل بالقوة عنيف =جانح في المستقبل” هي خطيرة، هي علامة عدم ارتياح (؛ قلق malaise ) في المجتمع.

  • ما هو العنف الذي نشير إليه؟ 

يجب ألا نخلط بين كل شيء! من الضروري التمييز بين العدوانية ( agressivité) و العنف (violence). العدوانية هي في قلب الاشتغال النفسي، إنها اندفاع (pulsion) حيوي للإنسان الذي يجب أن يمر عبر الاعتراف (reconnaissance) و احترام الآخر. العنف هو نتيجة لأعراض نفسية مختلفة، لا سيما قلق قوي غير محرر لفظيا (non-verbalisé)؛ حيث الآخر غير معترف به كــــ” آخر” في غياب ” أنسنة /   حضارة” الاندفاعات القديمة. 

  • ما هي تبعات هذا التمثيل؟ 

إن صيغ الإجابة هي قمعية بالمطلق، أو في أفضل الأحوال أمريّة، بخصوص أي شكل من السلوك، سواء كان عدوانيا، داخلا في النمو الطبيعي في طور البناء، أو كان أكثر عنفا في الأساس، ذي صلة بقطيعات، صدمات مختلفة، متعلقة بعناية طبية علاجية. حينما نعمل على التركيز على الفرد باعتباره الشخص الوحيد المسؤول عن حاضره و مستقبله، فإننا لا نأخذ بعين الاعتبار كل تعقيد البيئة الاجتماعية، الاقتصادية و الثقافية. القمع و حده لا يمكن أن يصنع سلطة ! لهذا فـوقاية من المنبع، مفتوحة و ليست مرتابة، يمكن أن تأخذ كل معناها.

  • ما هي التغيرات الملحوظة عند الأطفال اليوم؟

عالمنا المعاصر موسوم بالفورية و السرعة، و التقلب، و السريع الزوال، تعزيز النجاح الاجتماعي، الفردانية… لم يعد الأمر يتعلق بالصراع الطبقي(lutte des classes) ،أو إنما بصراع الأماكن !(lutte des places) الأطفال يجدون أنفسهم في خضم هذه التغيرات و يتكيفون معها بطريقتهم الخاصة: هم أيضا ” ينتقلون من … إلى…بسرعة” (..ils zappent)، يريدون ” كل شيء، الآن”. الآباء أنفسهم هم مأخوذون في مفارقات هذا العالم المتحرك (حيث الــ ” كل واحد لنفسه” ينتصر على تضامن الجماعة) لا يعرفون، دائما كيف يوقفون هذه المطالب المستمرة لـــ “كلية القدرة الطفولية” هاته، التي ليست في العمق إلا طلبات “الحواف”، و الحدود، تطمينات أن كل شيء غير ممكن! 

  • أين نضع أنفسنا فيما يتعلق بمظهر من مظاهر العدوانية للطفل؟

من الصعب تلقي مجلى عدواني من طفل. هذا يقود لإعادة تنشيط اندفاعات العدوانية لدينا. من الضروري أن يكون المرء قادرا على التخلص من الانصعاق أو العنف الذي يمكن أن يثير العنف. هذا يمر عبر عمل “رباطة جأش نفسية “، سواء من جانب الشخص المعبر عن العنف و كذلك من الشخص المستقبل له. و يمر هذا أيضا عبر تسنيدات متبادلة و داخل البين-علاقات (النفسية، الاجتماعية) التي تعمل في ذلك : القدرة على جعل الطفل يشعر بأننا لسنا محطمين بما يجعلنا نعيش، القدرة على تطوير أنواع من التضامن داخل مجموعة من الأطفال وذلك من خلال صياغة قواعد الحياة المشتركة، و لكن أيضا من خلال بناء مشاريع تربوية مشتركة بين الراشدين. الغيرية (altérité)  تعمل على الأنسنة و تمنع العنف، إنها تقع تحت مسؤوليات مشتركة، مسؤولية الآباء، و أيضا مسؤولية “الآخرين”، و المهتمين مهنيا بالطفولة، و المدرسين، و المجتمع في شموليته.

Propos recueillis par Arnaud Malaisé

In fenêtres sur .cours(revue) Automne2007 p.45-45

C:\Users\HP\Downloads\IMG-20210121-WA0001.jpg
C:\Users\HP\Downloads\IMG-20210121-WA0000.jpg

شارك المقالة